Posted by: egytarek | 7 March, 2009

فيلم ” بدون رقابة ” و الحواوشي الزفر

منذ فترة طويلة لم أكتب أية مقال ، و بالأمس شاهدت فيلما جديدا في السينما فقررت أن أعود للكتابة كناقد سينماوي هذه المرة .

d8a8d8afd988d9861

 ذهبت بالأمس لمشاهدة فيلم “بدون رقابة ” و قد اخترت مشاهدته لما أثير حوله من لغط و قضايا ومحاكم ، الفيلم من انتاج و إخراج هاني جرجس فوزي ، و لذا فهو يعبر تماما عن أفكاره التي دفعته لتمويل وانتاج هذه القصة ،( على ما يشاع من أنه مجرد ستار للمنتج الحقيقي واسع الثراء) الفيلم كعمل سينيمائي ليس به ما يستحق التعليق أو التحليل ، فأغلب عناصر الفيلم من إخراج و تصوير و سيناريو ، إلخ ، ركيكة و مفتعلة، بالإضافة لأنه من نوعية الأفلام المغرضة المدعية التي تدعي أنها تناقش عيوب المجتمع بهدف ايضاحها و معالجتها ، فيستمر في استعراض و تزيين المفاسد لمدة 99 دقيقة ، ثم في الدقيقة رقم 100 يشير في خفاء أن الشر لا يفيد .

 الفيلم كعمل سينيمائي يشبه ساندويتش الحواوشي أبو جنيه ونص ، الذي مهما حلف لك صاحب عربية الحواوشي أن فيه لحمة ، لا يمكن أن تصدقه و لن يغير من اقتناعك من أنه لا يزيد عن ساندويتش شطة وفلفل و بهارات مضافا إليها زبالة و كناسة الجزار الموجود على الناصية. فالفيلم عبارة عن تحبيشة من المثيرات التي طمع منتج ومخرج الفيلم أن تمثل عنصرا جاذبا للشباب و الفتيات، أي أنه سبوبة أو نحتاية جيدة لتهليب قرشين من جيوب الشباب المحروم ، فجمع فيه مغني فرقة واما ( ما أعرفش اسمه ) مع نجمات خلع الملابس علا غانم ، و دوللي شاهين ، و ظهور متميز لمطربة البانيو ماريا ،مع عنصر الدعابة و المرح المتمثل في إدوارد، أي أكبر تحبيشة بهارات سينمائية حراقة استطاع الحصول عليها محاولة منه لتغطية زفارة الفكرة و السيناريو.

 الفيلم نفسه ، كسينما ، لا يوجد به ما يمكن أن نعرض له ، اللهم إلا أداء إدوارد الكوميدي ، والممثل أبو شعر طويل ( ما أعرفش اسمه برضه ) الذي لا أعرف إذا كانت مناسبته لدور الشاب الفاسد الضائع السمج عبقرية تمثيلية منه ،أم أنها سمات شخصيته الحقيقية ، و كذلك الحوار المعبر بطريقة تمزج خفة الدم مع الأباحة المكشوفة .و قد اعجبني أيضا بعض عناصر الديكور المعبرة عن أنواع السكن المختلفة لأبطال الفيلم لا توجد بالفيلم قصة بالمعنى المعروف ، فلا أحداث ولا وقائع ،حدوتة الفيلم لا تزيد عن مجموعة من طلبة الجامعة ، أولاد و بنات ، يمارسون كافة المفاسد معا : جنس، شذوذ، دعارة، مخدرات، رشوة، يعيشون سفلقة على حساب الصديق و الصديقة الأغنياء ، مقابل خدمات يقدمونها لهما ، ثم عندما يأتي موعد الامتحان و يتأكدوا أنهم سيرسبون ، فيقوموا بحرق غرفة الكنترول ، ليتم القبض عليهم ، بس خلاص

 أما ما يستحق التعليق في هذا الفيلم الأبيح ، هو أنه يمثل أحد المظاهر التي ميزت الحياة المصرية في العقد الأخير ، و هي تزايد كثافة الهجوم اللاديني العلماني على قيم و ثقافة و أفكار المجتمع المصري ، التي يمكن أن نشاهدها في كافة وسائل الإعلام و قنوات الاتصال المتاحة ، و يغلب على ظني أن مثل هذه الممارسات تتم برضا أو مساعدة النظام الحاكم كمحاولة مستميتة منه لمقاومة التيارات الإسلامية و الإخوان المسلمين ، فكما قام السادات بدفع الإسلاميين في مواجهة الشيوعيين عندما عجز عن مواجهتهم بنفسه ، ثم كانت النتيجة الطبيعية لهذه المواجهة أن يقتل على يد أحد الطرفين ، فالنظام الآن يدعم و يبارك و يصهين عن نشاطات الليبراليين و العلمانيين و الملحدين أملا منه أن يكون ذلك هو الحل الأخير لمحاربة المحظورة و نمو التيارات السلفية.

 في هذا الإطار جاء ” بدون رقابة ” كفيلم ليؤكد حالة الهدم و التفكيك ، و عدم اليقين التي يتفق عليها الشركاء المتشاكسون أصحاب التيارات اللادينية من العلمانيين و الليبراليين والماركسيين والملحدين على نشرها في أوساط الشباب ، تحطيما لقيمهم و أفكارهم و تأسيسا لمنظومة جديدة من القيم التفصيل للتعارض مع كل ما هو إسلامي , و لنشر نوع من الضبابية و الشك و عدم اليقين في أي قيمة أخلاقية أو رمز يرتبط بتراث و دين المجتمع . فالشر يتحول لخير لمجرد أن يمارسه أصحابه ببجاحة و صفاقة ( صراحة ووضوح ) ، و الخير يتحول لشر لأنه يحجب و يمنع (يكبت) أصحابه عن نزواتهم . فالحوار عندما يناقش فكرة الشذوذ الجنسي لدى الصديقة السحاقية ، أكد على أنه لا يمكن الحكم على صواب أو خطأ فكرة الشذوذ ، فالبطلة دفعت لهذا الطريق دفعا، ولم تختره لنفسها ، و لم تؤذ به أحدا ، كما أنها فتاه صريحة أمينة مع نفسها و لا تخدع أحدا ، و لكن أحداث الفيلم عندما أظهرت الشاب المتدين المتفوق دراسيا ، أظهرته في صورة الوصولي ، المستغل ، النفعي ، الذي لا يمثل تدينه إلا غطاء يخفي باطنه ” الوسخ ” على حد تعبير الحوار ، و أن التدين ما هو إلا عجز و خوف يمنع صاحبه ممارسة الحياة بلذاتها. و أنه نفسه في الدح بس خايف من الأح ، على حسب ما جاء بالحوار

و يجيء الفيلم أيضا ليحاول أن يطبِّع و يقعد أفعالا تتنافى مع قيم المجتمع ، و يستغل أدوات الغناء و الموسيقى للتعبير عن استغرابه ” هي عملت إيه حرام ! ” إشارة لزيارة تلميذة المدرسة لصديقها طالب الجامعة في شقته ، يسبق ذلك استعراض لا معنى له لتفاصيل جسد تلميذة الثانوي ” البريئة ” العاري ، و هي تستذكر دروسها في ثوب ساخن مثير مستلقية على سريرها . و رغم أن الفيلم ينتهي بسجن مجموعة الشباب الفاسد ، و إظهار أنهم سقطوا في هذه الهاوية لأنهم يعيشون بدون رقابة أهلهم،

و أن الفاة المحجبة قد تزوجت وأنجبت ، و أن الطالب المتدين قد نجح ، ألا أن كل هذا لا يستغرق على الشاشة أكثر من 60 ثانية في مشاهد لا حوارية في خلفية أغنية الختام ، تضيع وسط الزخم المحتشد من الأثارة و الفلفل و الشطة ، فلا ينطبع في ذهن المتلقي سوى طعم الزفارة و رائحة الزناخة التي يريد أصحاب الفيلم نشرها .


Responses

  1. اخي طارق
    قد شاهدت جزء كبير من هذا الفيلم قدرا على الانترنت ورايت فيه مايثير الاشمئزاز مثلك واتفق معك تمام في كل ما قلت وليس هذا الفيلم وحده بل كل ماتم انتاجة هذا العام من افلام جميعها يثير شئ ما من الاشمئزاز ليرسخ قواعد جديدة يتربى عليها اجيال كاملة قواعد اللاشعور وكل شئ ممكن وكل الفساد قائم ولا مشكلة عادي جدا ولو نظرت بنظرة فاحصة لاغلب شباب الثانوي والجامعة ومابعدها لوجدتهم على هذه المشاعر من اللامبالاة والاشعور والاستهزاء بكل القيم فمابال الاجيال الاصغر كلما تقدم الوقت وبشكل صارخ زاد الفجور واللامبالاة فاللهم المستعان

    ودي وتقديري

    ماجدة الصاوي


Leave a comment

Categories